قيادة التسبيح،الحرب الروحية،إعرف عدوك،طبيعة الشيطان قبل السقوط،أسباب سقوط الشيطان
أولاً : طبيعة الشيطان قبل السقوط :-
يقدم لنا الكتاب المقدس بعض اللمحات عن طبيعة
الشيطان قبل سقوطه فى ( حز 28 : 12 – 15 ) , ( أش 14 : 12 )
ملحوظة : ( المقصود بملك بابل و ملك صور هو
الشيطان فالمواصفات التى يتكلم عنها الكتاب هنا لا يمكن أن تنطبق على أى شخص بشرى
لكنها تشير إلى كائن روحى يقطن السماء )
- كروب : فالشيطان فى الأصل هو ملاك من رتبة " الكروبيم " و هى من أعلى رتب الملائكة و عمل هذه الرتبة الأساسى هو تسبيح الله , و كلمة " كروب " فى الأصل اللغوى ( بحسب اللغة الأكادية ) هى من الفعل يبارك أو يسبح أو يبجل , و الترجمة الحرفية لنص الجزء التانى من ( حز 28 : 13 ) بحسب ال K.J.V. يقول : " إن المهارة التى صنعت بها دفوفك و ناياتك ( جمع ناى ) أعدت لتكون داخلك يوم خلقت " فهو إذاً لم يكن محتاجاً لدف يحمله فى يده و لا ناى يقربه إلى فمه . لقد احتوى فى داخله دفوفاً و نايات فكل كيانه يسبح القدير على الدوام .
- الكروب مظلل : لكى ما نستطيع فهم المقصود بكلمة " مظلل " نرجع إلى ( خر 25 : 20 ) حيث أمر الله موسى بصنع تمثالين كروبينعلى غطاء تابوت العهد و قال له : " و يكون الكروبان باسطان أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما على الغطاء .. نحو الغطاء يكون وجها الكروبين " و تابوت العهد يرمز إلى الحضور الإلهى , و من هنا نفهم أن المقصود " بالمظلل " أى أنه مظلل لعرش الله , فالكروبيم إذن هم رتبة الملائكة التى تحيط بالعرش الإلهى تسبح و تعبد الله ليل نهار و الشيطان كان واحداً من هذه الملائكة .
- منبسط : الترجمة الحرفية لهذه الكلمة بحسب N.I.V. , K.J.V. " الممسوح " و المسحة تشير إلى أنه كان ملكاً فلقد مسح رئيساً على رفاقه .
- أرفع كرسىَّ : الترجمة الحرفية لكرسىَّ بحسب ال N.I.V. هى " عرش " و قوله ( أصعد فوق مرتفعات السحاب ) يدل على أنه كان له عرشاً تحت السحاب مما يشير إلى نوع ما من السيادة كانت له على الأرض قبل سقوطه . لقد كان واسع السلطان ذو شأناً كبيراً .
- خاتم الكمال .. كامل الجمال : فهو يكاد يكون أعظم المخلوقات السماوية .
- ملآن حكمة : أى أنه كانت له القدرة على معرفة إرادة الله فى الأمور المختلفة .
- كل حجر كريم ستارتك : كلمة " ستارتك " ترجمتها الحرفية بحسب ال N.I.V. " زينك " ثم يذكر الوحى 9 أنواع من الحجارة الكريمة من نفس نوع الأحجار التى كانت توضع على صدرة رئيس الكهنة , ربما كان رئيس كهنة الكائنات السماوية يقودهم فى عبادة الله .
- زُهرة : هذا الإسم ترجمة للكلمة العبرية " هليل " " helel " و ترجمته الحرفية " اللامع أو المنير " و الكلمة اللاتينية " لوسيفر " " Lucifer " و اليونانية " هيوسفوروس " " heosphoros " و معناها " حامل النور " . و يتضح من هذه المعانى الطبيعة النورانية اللامعه الجميلة التى خلق بها .
ثانياً : سقوط الشيطان :
- أسباب سقوط لوسيفر :
الخطأ الأول – الكبرياء (
أش 14 : 13 , 14 )
- أرفع عرش فوق كواكب الله : أى أن يصير سلطانه ممتداً على كل الخليقة .
- أجلس على جبل الإجتماع فى أقاصى الشمال : جبل الإجتماع رمز إلى سلطة الله فى القضاء فهو يريد أن يكون قاضياً للخليقة بدلاً من الله . و إذا تأملنا عبارته هذه لوجدنا أنها مليئة بال ال " أنا " ... أنا أصعد , أنا أرفع , أنا أجلس , أنا أصير , و التركيز على " الأنا " إشارة إلى الإعجاب بالذات ( حز 28 : 17 )
- أفسدت حكمتك لأجل بهائك : فلقد أعجب لوسيفر جداً بذاته بإمكانياتها و بجمالها و قوتها .. حتى أنه أراد أن يتحرر من سلطان الله بل أن يرتفع عالياً فوق الجميع و يمتلك الخليقة كلها بدلاً من الله .. إنه الكبرياء الذى قاده إلى السقوط .
الخطأ الثانى –
تجارته الآثمة ( حز 28 : 16 , 18 )
- بكثرة تجارتك ملأوا جوفك ظلماً فأخطأت : ما هى هذه التجارة الآثمة التى تاجر بها لوسيفر فى ( رؤ 12 : 7 ) يحدثنا الكتاب المقدس عن " إبليس و ملائكته " و فى ( 2بط 2 : 4 ) يحدثنا عن " ملائكة أخطأوا " فلوسيفر إذن لم يخطىء بمفرده و لكنه أغوى الكثير من الملائكة لكى يعدلوا عن الخضوع لله و يرتبطوا به حتى يستطيع تنفيذ مخططه و إعلان التمرد على الله و تلك كانت تجارته الآثمة , لقد امتلأ إبليس بالكبرياء و أراد أن يرتفع فوق عرش الله فقرر عصيانه و إعلان التمرد عليه ( و هكذا فسدت حكمته بسبب غروره ) و لكى يستطيع تنفيذ خطته ( بحسب تفكيره ) إستقطب إليه جيش من الملائكة الذين تمردوا معه بدورهم على الله و أعلنوا خضوعهم له ( أى لإبليس ) و هكذا سقط لوسيفر ( حامل النور ) .
2. نتائج سقوط لوسيفر
:
نتيجة سقوط لوسيفر أن الله حكم عليه ب : -
- اللعنة : ( أش 14 : 11 , 19 ) , ( حز 28 : 19 ) فبقدر ما كان مجده عظيماً بقدر ما أصبحت لعنته بشعة مخيفة .
- الطرد إلى الأرض : ( أش 14 : 12 ) , ( حز 28 : 16 , 17 ) لقد طرد الشيطان من محضر الله و نفى إلى الأرض .
- الطرح فى بحيرة النار و الكبريت : (مت 25 : 41) , ( رؤ 20 : 10 ) , ( حز 28 : 16 )
إلا أن الله لم
ينفذ حكمه بالكامل فى التو و الحال ... فنجد أن إبليس قد لعن و طرد إلى الأرض لكنه
لم يطرح بعد فى بحيرة النار و الكبريت .
فلماذا أبقاه
على الأرض حتى الآن .. لماذا لم يقضى عليه تماماً وقتها ؟
لقد أراد الله
أن يستخدم إبليس لأجل تنقية و نصرة و مجد أولئك الذين تحدوا التجارب و الصعاب و
رفضوا أية ظلمة فى حياتهم و اختاروا أن يعيشوا للرب فى وسط عالم مملوك للشيطان
فصاروا مستأهلين أن يكونوا ملوكاً و كهنة فى ملكوت الله . " فنحن إن كنا
نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه " ( رو 8 : 17 )
فى ( حز 28 :
17 ) يوجه الرب كلامه إلى إبليس قائلاً : " سألقى بك إلى الأرض أمام الملوك
لتكون عرضة لعيونهم الهازئة " ( بحسب الترجمة الحرفية ل N.I.V.
) فمن هم يا ترى هؤلاء الملوك ... ألسنا نحن ملوك و كهنة فى ملكوت أبينا .
و فى ( أش 37 :
22 ) " إحتقرتك .. إستهزأت بك العذراء إبنة صهيون " فمن هى العذراء إبنة
صهيون .. إنها كنيسة الرب .
3. طبيعة الشيطان بعد
السقوط :
- عندما سقط إبليس فإنه بذلك فقد مكانته العظيمة فى السماء كرئيس للملائكة لكنه لم يفقد شىء من إمكانياته التى كانت له قبل السقوط , الفرق الوحيد أنه لم يعد يستخدمها لتحقيق مشيئة الله و إنما لإفساد مخططات الله .
- من الأسماء التى لقب بها الشيطان نستطيع أن نستنتج طبيعة أعماله و هى :
- الشيطان : ترجمة للكلمة العبرية " شطن " أو " satanas " و معناها الخصم أو المقاوم
- إبليس : ترجمة للكلمة اليونانية " Diabolos " و معناها المشتكى أو المفترى
- أبوليون : كلمة يونانية معناها المهلك أو المبيد ( رؤ 9 : 11 )
- الحية القديمة : تشير إلى أسلوب الشيطان فى حروبه و هو التحايل و المخادعة
- رئيس هذا العالم : بالتالى فإن أى انتماء فى حياتنا للعالم هو عداوة لله ( يو 17 : 6 – 18 )
- القتَّال , الكذاب و أبو الكذاب ( يو 8 : 44 )
- إن مملكة إبليس ليست تجمعاً عشوائياً للملائكة الساقطين لكنها نُظمت تنظيماً عسكرياً متقن غاية الإتقان .. فى ( أف 6 : 12 ) يمكنك التمييز بين أربع مستويات للسلطة فى مملكة الظلمة : رؤساء , سلاطين , ولاة , أجناد الشر الروحية . و نستنتج أيضاً من ( دا 10 : 12 , 13 ) أنها قد وزعت جغرافياً على مناطق العالم , فرئيس مملكة فارس الذى قاوم الملاك لكى لا يبلغ دانيال برد الله هو رئيس عالم الأرواح الشريرة الت تعمل فى فارس .. لاحظ أيضاً رئيس اليونان ( دا 10 : 20 ) و هذا الرئيس كان من القوة و السلطان حتى أنه استطاع إعاقة ملاك الرب 21 يوماً حتى جاء إليه ميخائيل رئيس الملائكة لمعاونته عليه .
- هناك درجة عالية من التخصص داخل مملكة الظلمة فنجد أرواح الشر لها وظائف محددة مثل : " روح نجس " ( مر 1 : 23 ) متخصص فى إفساد عقل الإنسان و تخيلاته بالأفكار الشريرة , " الروح الأخرس الأصم " ( مر 9 : 25 ) من أرواح المرض , " روح ضعف " ( لو 13 : 11 ) من أرواح المرض , " روح غى " ( أش 19 : 14 ) كلمة غى تعنى قلب أو عكس الأوضاع و هى تفيد الإرتباك و التشويش و الغرض تشويه الحقائق الروحية , " روح زنى " ( هو 4 : 11 ) يقود الإنسان إلى خطية الزنى ( الروحى أو الجسدى ) , " روح عرافة " ( أع 16 : 16 ) روح يعمل فى العرافين و السحرة , " روح كذب " ( 1مل 22 : 22 ) يشجع على الكذب و المبالغة فى الحديث , " روح المتسلط " ( جا 10 : 4 ) يثير التسلط و العناد و الإصرار على المواقف الخاطئة .
و يوجه إبليس أرواح
الشر لمحاربة المؤمنين بمهارة فائقة وفقاً لخطة موضوعة بدقة مبنية على دراسة
متأنية لطبيعة شخصية كل فرد على حدى و نقاط الضعف و القوة فيه . فإذا كانت مملكة
إبليس قد نظمت و رتبت صفوفها بدقة متناهية فإنه لمن المؤسف حقاً أن نرى الكنيسة
الآن تعمل فى حالة من التشتت و الإنقسام و ضعف الرؤية و عدم وضوح الأدوار .
التعليقات