تأملات في التسبيح،قيادة التسبيح والعبادة،التسبيح،العبادة المسيحية،أسلوب الحياة الأفضل
كانت إحدى النقاط الرئيسية التي طرحها يسوع في محادثته مع المرأة السامرية في الإصحاح الرابع من الإنجيل حسب يوحنا (ولا شك أنه نص محوري حول العبادة في العهد الجديد، حيث يرِد التعبير نفسه حوالي عشر مرّات) هو أن مجيئه إلى هذا العالم هو وراء تغيير العبادة إلى شيء لم يعد مقصوراً على مكان معين أو موجَّه إلى حدث معيَّن "لا في هذا الجبل، ولا في أورشليم" (الآية 21)، وإنما "بالروح والحق"، (الآية 23).
نميل في أحيان كثيرة إلى العودة إلى نموذج العهد القديم المتمركز حول مكان معين، وعبادة موجَّهة نحو حدث واحد، وهو الأمر الذي من الواضح أن يسوع أبطله في الإصحاح الرابع من الإنجيل حسب يوحنا! فما أسرع ما ننسى أنه، مع أن العبادة قد تصل ذروتها في التجمُّع الجمالي (وهذا هو الأمر المفترض في واقع الأمر)، إلاّ أنها لا تبدأ هناك، ولا يجب أن تبدأ هناك، ولا يمكن أن تبدأ هناك. وكم ستكون مدى ضحالتنا وسوء تغذيتنا كمؤمنين بالمسيح إذا كنا نأتي مساء يوم الأحد لكي نأخذ جرعة "عبادة أسبوعية"!
يعطينا بولس في رومية 12: 1 منظوراً أكثر توازناً، منظوراً ينسجم تماماً مع تعليم يسوع في الإصحاح الرابع من الإنجيل حسب يوحنا. إذ يحث بولس قرّاءه على أن يتجاوبوا مع مراحم الله ("فأطلب إليكم برأفة الله") التي سبق أن شرحها بالتفصيل في الإصحاحات السابقة 1 -11 بتقديم أجسادهم (أي كل كيانهم) "ذبيحة حيّة مقدَّسة. وهو يقول إن هذه ستكون عبادة "مرْضية" أي مقبولة لدى الله، وستكون خدمة عبادة لائقة أو معقولة أو روحية. وبعبارة أخرى فإن الاستجابة الملائمة في العبادة لله وعمله الخلاصي من خلال يسوع المسيح هو أن نحيا حياة عبادة وأن يكون أسلوب حياتنا أسلوب عبادة، فنقدّم أنفسنا لحظة فلحظة طوال الأسبوع له من أجل لذّته ومجده. "وكل ما عملتم بقول أو فعل، فاعملوا الكل باسم الرب يسوع، شاكرين الله والآب به" (كولوسي 3: 17) "فإن كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً، فافعلوا كل شيء لمجد الله." (1 كورنثوس 10: 31)
إن ما يشكّل العبادة الجماعية هو أن يجتمع المؤمنون معاً بعد أسبوع مع السير مع الله وعبادته (في عبادتهم الفردية المركّزة، وفي نظرة العرفان والصلاة التي تتخلّل الحياة كلها) يستطيع الروح القدس أن يأخذ جماعة معدَّة على هذا النحو ويصنع تعبير عبادة جماعية قويّة رائعة. غير أن "العبادة الجماعية أمر غير ذي صلة، مهما كان النظام المتبع فيها، ومهما كانت أسرارها مغذّية، ما لم تشارك في حياة عبادة كاملة مستمرة، وما لم يُنظر إليها كعَرض من أعراض الكيفية التي نحيا بها طوال الأسبوع."
يتوجب أن يعترف رعاة العبادة بتواضع أن مثل هذا اللقب هو في واقع الأمر تسمية مغلوطة حسب فهم العهد الجديد. إذ يكون بمقدور عضو واحد في هيئة العاملين في الكنيسة أن يشرف على كل حياة عبادة أعضاء الكنيسة ويحفزها؟ لكن (وكما ذكرت في القسم السابق) ينبغي أن ينظر كل أولئك الأشخاص المشتركين في خدمات محلية (سواء كان من هيئة العاملين الرسميين أم من الأشخاص العلمانيين) إلى أنفسهم كأشخاص محفّزين لشعب الله على العبادة طوال الأسبوع، وكأفراد يسعون إلى إيصال ثمار العبادة في الأنشطة الجماعية المركَّزة.
التعليقات